كـــورونا يزيد فقراء موريتانيا فقرا / أموه أحمدناه
“لقد كنت أمارس بعض الأعمال الحرة التي توفر لي لقمة العيش،قبل أن أقرر الذهاب لفيافي الشمال بحثا عن الذهب،بعدما مدحه لي الكثير من الناس،ثم قضيت هناك فترة خسرت فيها كل ما أملك،حيث لم أحصل على مثقال ذرة،قبل أن أعود إلى الحي من جديد،لكنها عودة سبعيني أنهكته الحياة وقد خارت قواه ووهن عظمه ولم يعد قادرا على العمل”.
بهذه الكلمات يستهل محمد عبد الله الحديث عن معاناته التي يرى أن كوفيد 19 قد فاقمها،وهو الأب الذي على عاتقه مسؤولية أسرة من خمسة أشخاص،من ضمنهم من يعاني من الأمراض العصبية(ابنتان)،ويصنف اليوم من الفقراء الذين يصلون في موريتانيا حسب بعض الإحصائيات نسبة 31٪،ويجد محمد عبد الله نفسه عاجزا عن توفير العلاج المكلف حسب قوله.
إن التبعات الاقتصادية التي رافقت كورونا تركت بصمتها حسب مراقبين على بلد تؤكد منظمة الأغذية والزراعة أن 71،3 % من سكانه يعيشون بأقل من دولارين في اليوم،وعن خطورة هذه التبعات من الناحية الاقتصادية والاجتماعية وضرورة تدخل الدولة يقول الباحث الاجتماعي محمدو أحمد:
“الفئات الهشة أو السكان الأقل دخلا تأثروا كغيرهم من الإجراءات التي تم اتخاذها لمواجهة الوباء،وفرض حظر التجوال على هذه الفئة تقليص ساعات العمل وبالتالي نقص الداخل،وباتت هذه الأسر تجد أقل من دخلها قبل كوفيد 19 ، الأمر الذي جعلها تعيش وضعا صعبا يتطلب تدخل الجهات الرسمية”
لقد عملت الحكومة الموريتانية مع ظهور كورونا في مارس عام 2020 على احتواء الأضرار الناجمة عن الوباء،وضمن تلك الخطة اتخذت مجموعة من الإجراءات،من قبيل حظر التجول وتوقيف الدراسة والنقل بين المدن،مع إنشاء الهيئات لغرض المساعدة المادية،فتمت التوزيعات المالية والغذائية،وجوابا عن سؤاله حول ذات الموضوع يقول الناشط الحقوقي حمزة جعفر:
“لاشك أن أي جهد بصرف عن طبيعته سيخفف من معاناة الفئات المحتاجة،غير أنه من وجهة نظري الشخصية لم يكن كافيا،حيث تم العمل على الجانب الإعلامي أكثر من التركيز على الهدف الأساسي،فهناك أحياء بالعاصمة لم تستفد من المساعدات،وإذا كان هذا الحال في العاصمة فكيف بالولايات الداخلية،بالإضافة للزبونية التي طبعت المشهد،ولو تم التركيز على المشاريع الصغيرة المدرة للدخل لكانت نتيجة تدخل الدولة مختلفة”.
تتعدد قصص الموريتانيين الذين أصبحوا بلا دخل خلال الجائحة،ويجمع أصحابها الأمل في الحصول على المساعدة من طرف الجهات المختصة،وليس محمود إلا أحد هؤلاء وهو الذي يضيف:
“نظرا للتقدم في العمر فقد أصبحت عاجزا عن ممارسة الكثير من الأعمال،خاصة التي تتطلب القوة البدنية،ومع ظهور كورونا أصبحت كل الوقت في المنزل،ولا أملك من الأبناء غير واحدا يمارس الأعمال الحرة،ويعيل أسرته المتكونة من ثلاثة أفراد،ومع ذلك فلم نحصل على أي دعم من أي نوع”.
إن مدى تأثر بلدان العالم من الجائحة يرجعه الناشط الحقوقي حمزة لمعيار القوة الاقتصادية،حيث يؤكد في ذات الصدد:
“طبيعة نمو وتقدم البلدان هي من كانت وراء تفاوت التأثير،لذلك نجد أن الدول التي تعتمد على صادرات أخرى تأثرت بشكل كبير،وهو ما انعكس على المجتمعات المحلية،وعلى وجه الخصوص الفقيرة،حيث فقد أفرادها الوظائف وأعمالهم اليومية،وزاد ذلك الإجراءات التي أملتها الظرفية الصحية،حيث تم تسريح عشرات العمال،وكل محاولات الدعم الحكومي ظلت تدور حولها الكثير من الاستفسارات”.
يقال بأن موريتانيا بلد غني يسكنه شعب فقير،ورغم الخطط المتعبة لتخفيف تبعات الجائحة العالمية،فإن واقع الفئات الهشة يؤكد الحاجة للمزيد من الدعم لمواجهة الآثار السلبية للفيروس.
تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.